المؤتمر القطرى السابع والاربعون المنعقد بمناسبة الاحتفال بالاسراء والمعراج الشريف بعنوان الاختلاف والخلاف

   الإِسْلَامُ حَيَاتُنَا والسَّلَامُ مَعَاشُنَا    نحن نَعْلَمُ بالسياسة ولا نَعْمَلُ بالسياسة    حَرْبُنَا مَعَ أَعْدَاءِ الوَحْدَانِيَّةِ مَيْدَانُهَا الفِكْرُ وسِلَاحُهَا الكَلِمَةُ   جِهَادُنَا اجْتِهادٌ فِي العِلْمِ وجَهْدٌفِي العَمَلِ

المؤتمر القطرى السابع والاربعون المنعقد بمناسبة الاحتفال بالاسراء والمعراج الشريف بعنوان الاختلاف والخلاف

المُؤْتَمَرُ القُطْرِيُّ السَّابِعُ والأَرْبَعُونَ

المُنْعَقِدُ بِمُنَاسَبَةِ الاحْتِفَالِ بِالإِسْرَاءِ والمِعْرَاجِ الشَّرِيفِ

لِعَامِ 1439ھ – 2018م

حَوْلَ: (الخِلَافُ والاخْتِلَافُ)

مَدْخَل                                           

الأُسْرَةُ الدَّنْدراوِيَّةُ جَمعٌ مُسلِمٌ يُؤمِنُ بِكلِّ ما يُؤمِنُ به المُسلِمونَ مِن مُعتقَداتٍ إِيمَانِيَّةٍ، ويَلتزِمُ بِكلِّ ما يَلتزِمُ به المُسلمونَ مِن فَرائِضَ إِسلامِيَّةٍ.. ومَرجعيَّتُهُ في الحياةِ والفِكرِ هى كِلامُ اللهِ سُبحانَه وقَولُ رَسُولِهِ الكَريمِ صَلواتُ اللهِ عليهِ.

تأسَّسَ هذا الجمعُ عامَ 1292 من الهِجرةِ المُوافِقَ لعامِ 1875 ميلادي، على يَدِ الدَّندراويِّ الأوَّلِ سَيِّدي مُحمَّدٍ الدَّندراويِّ مِن أحفادِ السُّلطانِ اليُوسُفِ جَدِّ قَبائلِ “الأَمَارَةِ” بدَنْدَرَةَ. والسُّلطانُ اليُوسُفُ هو مِن وَلدِ الشَّريفِ إدريسَ الأولِ مؤسِّسِ دَوْلَةِ الأدارسةِ بالمَغربِ العَربِيِّ، سِبطِ الإمامِ الحَسنِ بنِ عَلِيٍّ بنِ أبِي طَالِبٍ كَرَّمَ اللهُ وَجهَهُ.

 أسَّسَ الدَّنْدَرَاوِيُّ الأَوَّلُ  نَواةَ جَمعِهِ المُسلِمِ، المَعروفِ باسمِ “الأُسْرةُ الدَّندَراوِيَّةُ، في قَريةِ دندرةَ بصَعيدِ مِصرَ، ولمْ تلبثْ جُذورُ هذه الشَّجرةِ الإِنسانيَّةِ أنْ تَمكَّنتْ بِغالبيَّةِ قبائلِ جَنوبِ الصَّعيدِ [مُحافظاتُ قنا والأقصر وأسوان والبحرِ الأحمر]، وتَمَّ استواءُ ساقِها مِن العديدِ مِن عائِلاتِ مِصرَ. ثُمَّ تَفرَّعتْ فُروعُ هذهِ الشَّجرةِ علَى اتِّساعِ الانتشارِ الإِنسانِيِّ لأُمَّةِ المُسلِمينَ في بِلادٍ شَرقيَّةٍ وغَربيَّةٍ، فجَمعَ بينَ صُفوفِه كُلَّ مَن يَألَفُ ويُؤلَفُ مِن المُوَحِّدينَ ذكرًا كانَ أم أنثى، كبيرًا يكونُ أو صَغيرًا، أيًّا كانَ لَونُ عِرقِه، أو مَوقِعُ بلدَتِه، أو نَمطُ تعايُشِهِ، أو وَضْعُ مَعِيشَتِه، وأيًّا كانَ مَذْهَبُ أَحْكَامِه، أو مَشْرَبُ إِحكامِه، أو جَمعيَّةُ تَعاوُنِه، أو تَنظيمُ نِضالِه، سواءٌ أكانَ مُنطَوِيًا على ذَاتِه، أو مُنطلِقًا في جَماعَتِهِ.

والهَدفُ مِن التّأسِيسِ؛ هو إعادَةُ التَّماسُكِ إلى بُنيانِ مُجتمَعِ الإِسلامِ، والتَّلاحُمِ إلى نَسيجِ أُمَّةِ المُسلمينَ واستعادَتُها مِن التَّشَتُّتِ..

ولِتَحقِيقِ الهَدفِ وَضَعَ مُؤسِّسُ هذا الجَمعِ رُؤْيَةً إِصلاحِيَّةً، تَخْتَلفُ في طَرحِها عَن الأَفكارِ التي تَتَبنَّاها التَّجَمُّعاتُ الإسلاميةُ الصَّالِحَةُ المَوجودَةُ في الشَّارعِ الإسلامِيِّ؛ كتَجمُّعاتِ المَذاهبِ الفِقهيَّةِ، وتَجمُّعاتِ الطُّرقِ الصُّوفيَّةِ، وتجمُّعاتِ الجمعيَّاتِ الخَيريَّةِ، وتجمُّعاتِ التّنظيماتِ الوطنيَّةِ. فالأُسرَةُ الدّندراويّةُ لَيستْ كِيانًا مِن هذه الكِياناتِ الأربعةِ المُتخصِّصةِ ولا تَطرحُ نفسَها بَديلاً عنها، كما أنَّها في الوقتِ نفسِه ليستْ بَعيدةً ولا مناقِضةً لأيِّ واحدٍ مِنها.

هذه الرُّؤيةُ الإِصلاحيَّةُ أَساسُها ارتباطُ المُسلمِ بشخصِ سيِّدِ البَشرِ مُحمَّدٍ رَسولِ اللهِ عليهِ صَلواتُ اللهِ؛ فبهذا الارتباطِ يِستعيدُ المُسلمُ تكوينَه المُحمَّديَّ الذي كانَ عليهِ الصَّحابةُ الكِرامُ والسَّلفُ الصَّالحُ؛ وبهذا الارتباطِ يُمَكِّنُ مُكوِّناتِهِ الذّاتيَّةَ الأربعَ – بَدَنَه، رُوحَه، نَفْسَه، عَقْلَه – من الانطِباعِ بفاعِليَّاتٍ تُرَسِّخُ في وجدانِه قِيَمَ الإسلامِ الأربعَ [ أي العبادات، المعاملات، التعاون، التلاحم ]، ويُمَكّنُفي الوقتِ نفسِه – مَرئيَّاتِه الشَّخصيَّةَ الأربعَ من الانصباغِ بتفاعلاتٍ تُعيدُ التماسُكَ إلى بُنيانِ المُجْتَمَعِ والتَّلاحُمَ إلى نَسيجِ الأُمَّةِ، فترسُخُ في الوجدانِ قِيمُ الإسلامِ، وتَشمُخُ في الوجودِ قيمةُ المسلمينَ.

ومنذُ عامِ 1393 هجري الموافقِ لعام 1973 مِيلادي بدأَتْ الأُسرةُ الدَّندراويةُ بإِقامةِ مُؤتمَرٍ قُطْرِيٍّ سنويٍّ في قَريةِ دَندرةَ أيَّامَ الإِسْرَاءِ والمِعْرَاجِ الشَّرِيفِ، تأكيدًا على أنَّ الكِيانَ الدَّنْدَرَاوِيَّ تأسَّسَ علَى أَسَاسٍ مُحمَّديٍّ.

وطُولَ سِتَّةٍ وأربعينَ مُؤتمَرًا قُطْرِيَّا عَلَى مُستَوَى مَرَاكِزِ دَنْدَرَةَ مِصْرَ كان الدِّفاعُ عن الأعتابِ النَّبويةِ نَشِطًا ومُلتصِقًا ببناءِ الإنسانِ وتَفعيلِ دَورِه الحَضارِيِّ ومُناقَشَةِ قضاياهُ وتَحدياتِه المعاصِرَةِ.

ومِن هذا المُنطلَقِ تُقيمُ الأُسرَةُ الدّندراويةُ مُؤتَمرًا قطريا  في يوم 15 من (أبريل)  بِعُنوَان :

( الخِلَافُ والاخْتِلَافُ )

فالاخْتِلافُ وَالخِلافُ لفْظَتَانِ تَرْجِعَانِ إِلَى جِذْرٍ لُغَوِيٍّ وَاحِدٍ، وَهُوَ الفِعْلُ (خَلَفَ)، وَرَغْمَ ذَلِكَ فَإِنَّ بَيْنَهُمَا بَوْنًا شَاسِعًا مِنْ حَيْثُ الْمَعْنَى، فَالاخْتِلافُ تَبَايُنٌ صِحِّيٌّ فِي الآرَاءِ، فِي التَّفَاصِيلِ التي تَمَسُّ الفُرُوعَ، وَهُوَ مَبْنِيٌّ عَلَى تَعَدُّدِ وجْهَاتِ النَّظَرِ التي تُؤَدِّي إِلَى تَلاقُحِ الأَفْكَارِ وإِنْتَاجِهَا، أَمَّا الخِلافُ فَهُوَ تَعَاكُسٌ فِي الآرَاءِ وَالأفْكَارِ، يُؤَدِّي إِلى رَفْضِ الآخَرِ وَنَبْذِهِ، وَالاخْتِلافُ آيَةٌ مِنْ آياتِ اللهِ سُبْحَانَهُ، خَلَقَ الخَلْقَ مُخْتَلِفِينَ فِي اللُّغَةِ وَالشَّكْلِ، وَالعَقْلِ، فَهُوَ القَائِلُ سُبْحَانَهُ: ﴿وَمِنْ آيَاتِهِ خَلْقُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَاخْتِلَافُ أَلْسِنَتِكُمْ وَأَلْوَانِكُمْ ج إِنَّ فِي ذَٰلِكَ لَآيَاتٍ لِّلْعَالِمِينَ﴾]الروم:22[، فَالاخْتِلافُ آيَةٌ، والخِلافُ جِنَايَةٌ، الاخْتِلافُ ثَرَاءٌ، وَالخِلاَفُ جَفَاءٌ.

وَالسُّؤَالُ الذِي يَتَرَاءَى أَمَامَ عَيْنِ كُلِّ مُشَاهِدٍ لِوَاقِعِنَا الْمَعِيشِ، مَا الذِي أَدَّى بِنَا إِلى الانْتِقَالِ مِنْ دَائِرَةِ الاخْتِلافِ الْمَحْمُودِ إِلى دَائِرَةِ الخِلافِ الْمَذْمُومِ ؟!

إِنَّهُ التَّبَاغُضُ الذي اسْتَولَى عَلَى المجتَمَعَاتِ بَعْدَمَا فَكَّ المسْلِمُ ارْتِبَاطَهُ بِشَخْصِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَفَقَدَ تَكْوِيْنَهُ الْمُحَمَّدِيَّ، وَظَهَرَتْ فِي الْمُجْتَمَعِ ظُلُمَاتُ الجَاهِلِيَّةِ، والتي يُمَثِّلُ التَّبَاغُضُ أَوَّلَهَا، والتَّبَاغُضُ وَالِخلافُ يُشَكِّلانِ عَلاقَةً جَدَلِيَّةً بِحَيْثُ يُوَلِّدُ أَوَّلُهُمَا الثَّانِي، والثَّانِي بِدَوْرِهِ يَزِيْدُ مِنْ حَجْمِ الأَوَّلِ، فَإِذَا كَانَ التَّبَاغُضُ مَرْجِعِيَّةَ الْمَوْقِفِ الإِنْسَانِيِّ تِجَاهَ الآخَرِ يُصْبِحُ الْمُنَاخُ بِيْئَةً صَالِحَةً للعَدَاوَةِ وَالأَذَى، وَيُصْبِحُ أَدْنَى اخْتِلافٍ فِي الرَّأيِ مَجالاً للخِلافِ بَيْنَ أَصْحَابِ الآراءِ المخْتَلِفَةِ، وَيُصْبِحُ التَّفَاهُمُ شِبْهَ مُسْتَحِيلٍ؛ لأنَّ كُلَّ طَرَفٍ مِنَ الطَّرَفَيْنِ يَقْرَأُ خِطَابَ الآخَرِ لاَ لِيَفْهَمَهُ وَيَعْرِفَ مُرَادَهُ بَلْ هَاجِسُهُ البَحْثُ عَنْ الغَلَطِ والخَطَأِ وَمَوَاطِنِ الزَّلَلِ فَيُصْبِحُ كَالصَّيَّادِ يُطَارِدُ اللفْظَ والمعْنَى لِيَنْقَضَّ عَلَى القَنْصِ وَيَقْتُلَ الفِكْرَ الآخَرَ.

مَحاوِرُ مَوضُوعِ المُؤتَمرِ:

– مَفْهومُ الخِلافِ والاخْتِلافِ.

– كَيْفَ ولِمَ يَتَحوَّلُ الاخْتِلافُ إِلَى خِلَافٍ؟!.

– أَثَرُ الخِلافِ عَلَى تَفَتُّتِ بُنْيانِ المُجْتَمَعِ وتَمَزُّقِ نَسِيجِ الأُمَّةِ.

– اخْتِلافُ الآَرَاءِ غِنًى وثَراءٌ .